تُواصل منظمة العفو الدولية، انخراطها في حملتها المضادة ضد المغرب ووحدته الترابية ومنجزاته الحقوقية، ففي بيانها الصادر بتاريخ 27 ماي 2022، تطالب “بالتحقيق في ادعاءات بشأن الاعتداء على خمس ناشطات بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية (ز.ب، ام.ح، ف.ح، أ.م.خ، ن.ب)، زاعمة أنهن تعرضن، على إثر مشاركتهن في احتجاجات سلمية داعمة لناشطة من الأقاليم الجنوبية (س.خ)، لاعتداءات في حوادث منفصلة يومي 15 و16 أبريل الماضي في مدينة بوجدور بالصحراء المغربية، من خلال تعريضهن للتعذيب والضرب العنيف أو للاعتداء الجنسي، وأن ذلك خلف لهن أضرارا جسمانية بالغة، دون أن تحرك السلطات ساكنا للتحقيق ومتابعة الجناة”.
تسجل السلطات العمومية، باستغراب، مرة أخرى، أن منظمة العفو الدولية، لم تكلف نفسها عناء فحص المعلومات والمعطيات المتوفرة حول هذه الحالات وغيرها، والصادر عديدها عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي سبق وأن نشر معطيات دقيقة حول الموضوع. وهكذا، يتأكد مرة أخرى انزياح هذه المنظمة عن مبادئ الحياد والموضوعية والمهنية في مقاربة ادعاءات الانتهاكات، التي كانت سباقة لوضعها.
ويلزم التوضيح، أنه خلافا للمعطيات غير الصحيحة الواردة ببلاغ المنظمة بخصوص واقعة توقيف السيدة (ز.ب) فإن الأمر لا يعدو كونه مجرد إجراء عادي للمراقبة الأمنية الروتينية التي تباشرها المصالح الأمنية، ذلك أنه بتاريخ 16 أبريل 2022، وفي إطار مراقبة مصالح الأمن لحركة السير والجولان، تم إيقاف سيارة للنقل السري للأشخاص، حيث كانت المعنية بالأمر على متنها وقد رفضت الإدلاء ببطاقة تعريفها الوطنية، الأمر الذي استدعى اقتيادها إلى مركز الشرطة بمدينة بوجدور للتحقق من هويتها قبل إخلاء سبيلها على الساعة الثالثة وأربعين دقيقة في ظروف عادية، لتلتحق وبعد مرور أزيد من خمس ساعات، على الساعة التاسعة ليلا، بالمستشفى الإقليمي، بسبب غرض صحي شخصي.
وبخصوص ما ادعته منظمة العفو الدولية بإخضاع السيدة (س.خ) وعائلتها للإقامة الاجبارية ومحاصرتها منذ نونبر 2021، فيتناقض، من الناحية الواقعية، مع كون المعنية بالأمر تمارس حياتها بشكل طبيعي، وما تقديمها لطلب تجديد جواز سفرها وتنقلها إلى الإدارة المختصة لتسلمه ومكوثها بمدينة العيون ثلاثة أيام، ومغادرتها للمملكة في الآونة الأخيرة، إلى الخارج، بكل حرية، ودون عوائق تذكر، على خلاف الادعاءات التي يصر بيان منظمة العفو بشأن إخضاع المعنية بالأمر للإقامة الجبرية، وإلا لماذا تنقلت المعنية بالأمر بكل حرية وتسلمت جواز سفرها وغادرت البلاد في الوقت الذي اختارته.
إن منظمة العفو الدولية، بهذا البيان، تؤكد من جديد افتقادها للمصداقية، ضاربة عرض الحائط مُستلزمات الحياد، ومستغلة ورقة حقوق الإنسان بشكل سياسوي مكشوف من موقع اصطفافها إلى جانب طرف ضد طرف في نزاع إقليمي معروض على أنظار مجلس الأمن، وبذلك يختل ميزان حديثها في الأصل عن أوضاع حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
أما ما أثير من ادعاءات بشأن المساس بحرية التجمع والاعتداء على النساء الأربع المذكورات في بلاغ منظمة العفو الدولية فلا أساس له وتفنده المعطيات الواقعية، ذلك أن السلطات العمومية المختصة بالعيون، تقدر في نطاق ما يسمح به القانون، وعلانية، ما يخص التظاهر في الشارع العام وتفريق أي تجمع غير قانوني دون استخدام القوة، مثلما أن هذا التدبير الإداري في هذه المدينة وفي غيرها من المناطق المغربية، بل وفي العالم، أضحى تصرفا تحت تتبع ومراقبة عموم الناس.
ولا يسع السلطات العمومية بالمناسبة، وعلاقة بباقي ما ورد في بيان منظمة العفو الدولية وما نشر من ادعاءات عبر شبكات التواصل الاجتماعي في الموضوع، إلا أن تذكر بمبادرة تلقائية للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالعيون، حيث قام بفتح بحث عقب ذلك. وهذا الأمر بدوره لم تكثرت له منظمة العفو الدولية ولم تأخذه بعين الاعتبار، ضاربة بذلك عرض الحائط بأهمية فتح أبحاث أو تحقيقات قضائية لا تتردد في أن تطالب بها عبر بلاغاتها وبياناتها عبر العالم. ولعل انحيازها السياسي الصريح لخصوم الوحدة الترابية يجعل منهجيتها في التدخل الحقوقي الحمائي، تفتقد كل شرعية، مخلة، بذلك مع الأسف الشديد، بأعراف وتقاليد كانت سباقة للترويج لها، وبذلك تكون هذه المنظمة قد أصبحت بهذا النوع من المواقف في دائرة الكيل بمكيالين.