افتتحت صباح اليوم الأربعاء 16 أكتوبر 2024، بمدينة مراكش، أشغال النسخة العاشرة من حوار جليون لحقوق الإنسان المنظم من طرف المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، بشراكة مع البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومنظمة مجموعة الحقوق العالمية (Universal Rights Group).
ويأتي هذا الحدث الرفيع المستوى، والذي يستمر على مدى يومين، تحت عنوان “الانتقال من معايير عالمية إلى واقع محلي – الآليات الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والتتبع في مجال حقوق الإنسان وتعزيز فعالية النظام الأممي لحقوق الإنسان وأثره على أرض الواقع“.
ويعد حوار جليون، الذي تنظمه منظمة URG منذ عام 2014 في سويسرا، من أبرز المنتديات العالمية التي تجمع الفاعلين في مجال حقوق الإنسان لمناقشة التحديات والفرص المتعلقة بها. وتعتبر نسخة 2024، التي تعقد لأول مرة خارج سويسرا، حدثًا مميزًا ترأسه كل من وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي، والدكتور أحمد شهيد، رئيس مجلس أمناء منظمة URG.
ويأتي تنظيم هذا الحوار، في ظل الاهتمام المتزايد من المجتمع الدولي بالآليات الوطنية، إذ يشارك فيه دبلوماسيون من عدة دول، وخبراء في مجال حقوق الإنسان، ومسؤولون رفيعو المستوى من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وسيُختتم الحدث بإصدار إطار توجيهي عالمي لتعزيز وتطوير الآليات الوطنية لتنفيذ وتقييم حقوق الإنسان على المستوى الوطني.
وفي كلمته الافتتاحية، أشاد السيد وزير العدل بهذا الحدث الهام، معربًا عن امتنانه لتنظيم هذه النسخة في المغرب، قائلاً: “إن اختيار المغرب لاحتضان هذا الحوار الرفيع المستوى يحمل دلالة رمزية بالغة الأهمية، ويجسد التزام المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بحماية حقوق الإنسان كخيار وطني استراتيجي ثابت تجسده الممارسة الاتفاقية، ويضمنه الدستور المغربي وتكرسه التشريعات الوطنية والسياسات العمومية ”.
كما أضاف السيد الوزير قائلاً: “إن هذا الخيار يتجسد كذلك في أدوار المؤسسات الدستورية المعنية بحماية حقوق الانسان، بما فيها المجلس الوطني لحقوق الانسان إلى جانب مؤسسات أخرى، ومن ضمنها المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان التي جاء إحداثها سنة 2011، تجاوبا مع اقتراح للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وبالتزامن مع توجهات تشخيص المفوضة السامية لحقوق الإنسان حول هيئات المعاهدات لسنة 2012، هذا إضافة إلى أدوار البرلمان في التشريع والرقابة، والمجهود المقدر لمنظمات المجتمع المدني التي أضحت شريكا أساسيا في مجال الديمقراطية التشاركية”.
وذكر السيد الوزير بالتزام المملكة المغربية الراسخ بالدفاع عن قضايا حقوق الانسان وبالانخراط في تطوير إطارها المعياري والمؤسساتي، الشيء الذي جعلها تحظى بالثقة لعضوية ولرئاسة مجلس حقوق الانسان الذي التزمت المملكة بتعزيز أدواره الدولية، والتي ستكون هذه السنة فرصة لتطوير النقاش الدولي بشأن مداخلها وآلياتها.
وأضاف السيد الوزير قائلا: «نتطلع معكم اليوم إلى أن يساهم هذا اللقاء في تعزيز الحوار حول قضايا حقوق الانسان كإحدى أولويات منظمة الأمم المتحدة التي تحتاج آلياتها المؤسساتية ووسائل عملها الى مراجعة جوهرية تمكن من تحقيق الكرامة الإنسانية، وضمان السلم والسلام، وإقرار التضامن والتعاون الدولي، واتباع نهج الحوار لتسوية الخلافات ورفع التحديات ومعالجة النواقص والخصاصات، ولاسيما في ظل البيئة الدولية الحالية التي تعيش فيها عدة مناطق في العالم على وقع ويلات الحروب والصراعات والأزمات، والتي وقف أمامها المنتظم الدولي عاجزا عن حماية حقوق الإنسان، وتوفير الأمن والسلم الدوليين”.
وإيمانا منها بأهمية الوفاء بالتزاماتها الدولية، يذكر السيد الوزير، أعلنت المملكة المغربية بمناسبة الاحتفال بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أربعة تعهدات طوعية انصبت على تعزيز حقوق المرأة وتمكينها اقتصاديا، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتسريع الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر ومواجهة آثار التغيرات المناخية، ومواصلة مكافحة خطاب الكراهية والتطرف العنيف وترسيخ قيم السلم والتسامح والتعايش. هذا بالإضافة إلى التعهد المشترك مع كل من دولتي الباراغواي والبرتغال، بتشجيع إنشاء شبكة دولية للآليات الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والتتبع وتطويرها.
أكد السيد الوزير الحرص على إيلاء العناية لتعزيز قدرات الفاعلين ونشر ثقافة حقوق الإنسان لديهم، وإطلاق مبادرات خاصة تعزز التمتع الفعلي بحقوق الانسان، ولاسيما على مستوى دعم البحث والمعرفة العلمية في مجال حقوق الانسان، ووضع برامج للتكوين موجهة للمرأة والشباب، وخلق دينامية جديدة على صعيد تقوية الشراكة مع منظمات المجتمع المدني والاعلام.
وفي ختام كلمته تطرق لأولويات العمل ومن ضمنها الاهتمام بالقضايا الناشئة كالذكاء الاصطناعي، والمقاولة وحقوق الانسان والتغيرات المناخية والبعد الترابي لحقوق الانسان، وفي الإسهام في تجويد التفاعل مع الآليات الأممية والوطنية المختصة، وبالخصوص فيما يتعلق بإعداد التقارير وفحصها وتطوير مقاربة تتبع تنفيذ التوصيات المنبثقة عنها، وهي أدوار ووظائف أساسية في عمل الآليات الوطنية للتنفيذ.