احتضنت مدينة فاس يومي 20 و21 يوليوز2022 أشغال ندوة رفيعة المستوى للاحتفال بالذكرى الخامسة لخطة عمل القادة والفاعلين الدينيين في منع التحريض على العنف الذي قد يؤدي إلى ارتكاب جرائم وحشية” خطة عمل فاس” نظمتها كل من المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والرابطة المحمدية للعلماء ومكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الحماية.
وتروم هذه الندوة التي عرفت مشاركة المؤسسات والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والخبراء والفاعلين والقيادات الدينية، من المغرب ومن مختلف أنحاء العالم إلى التأكيد على دور القادة والجهات الفاعلة الدينية في دعم السلم العالمي.
وفي كلمة له تليت بالنيابة عنه خلال افتتاح هذا الملتقى الدولي، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بخطة عمل فاس لالتزامها بتعزيز السلم والتفاهم والاحترام المتبادل والحقوق الأساسية لجميع الشعوب والتي قدمت مسارات مختلفة يمكن من خلالها للقادة الدينيين المساهمة في تحقيق السلم والاستقرار.
من جانبه أكد السيد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن هذا اللقاء يشكل مناسبة على قدر كبير من الأهمية لتقييم منجزات إعمال “خطة عمل فاس” بعد مرور خمس سنوات من اعتمادها، وطرح ومناقشة تحديات جهود مكافحة ظاهرة التحريض على العنف وخطاب الكراهية، والبحث عن سبل ناجعة وفعالة لمواجهتها من طرف كل الفاعلين في ظل ظرفية دولية ما زال يشكل فيها التطرف العنيف ظاهرة معقدة تشغل بال المنتظم الدولي.
كما أكد السيد الوزير إلى أن المملكة المغربية بلد يتوفر على رصيد تاريخي غني بالتسامح والتعايش والتمازج بين الأديان؛ بحكم الدور التاريخي والمركزي لمؤسسة إمارة المؤمنين، كضمانة وركيزة أساسية لحماية الحقوق والحريات المكفولة بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية مشيرا أن المملكة راكمت، بفضل انخراطها بشكل جاد ومسؤول في تفعيل إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، خبرة وطنية في هذا الصدد جعلتها نموذجا مطلوبا للاسترشاد والاستعانة به من طرف دول عديدة.
بدوره، أشار السيد أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لهده الندوة، والتي تلاها نيابة عنه الكاتب العام للمندوبية إلى أن المغرب يواصل بعزيمة وثبات التصدي للإرهاب والعنف؛ وذلك من خلال إستراتيجية استباقية، وخطط وبرامج عمل، تنبني على اليقظة، والمرونة، والتدخل الحازم لصد التهديدات والمخاطر المحتملة.
كما أكد شوقي بنيوب، في السياق ذاته، أن المملكة المغربية تستند في التصدي للإرهاب والعنف إلى مقاربات بأبعاد تنموية تربط بين الجوانب الروحية والمادية وتعزيز الحكامة الأمنية ومحاربة الفقر والإقصاء والتهميش الاجتماعي ونشر قيم الاعتدال والوسطية والتسامح ونبذ العنف، بما يسهم في اجتثاث الجذور الفكرية والثقافية التي تغذي الكراهية والتمييز والتطرف والعنف.
ومن جهته، أكد السيد أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء،”، إنه من واجب الجميع مكافحة خطاب الكراهية والنبذ والإقصاء، مؤكدا أنه، بعد مضي خمس سنوات على خطة عمل فاس، جاءت هذه المحطة لاستلهام روح هذه الخطة التي قال بأنه، منذ أن صادقت عليها الجمعية العامة للأم المتحدة، قبل خمس سنوات، لم تغير فيها ولو فاصلة.
وتتميزت هذه الندوة، إلى جانب مشاركة قيادات بارزة في منظمة الأمم المتحدة، بحضور السفير عمر هلال، الممثل الدائم لمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بنيويورك، والذي أشار إلى أن “خطة عمل فاس” تشكل وثيقة قوية معتمدة من قبل منظمة الأمم المتحدة في محاربة الكراهية وخرق حقوق الإنسان، والدفاع عن التعايش بين الشعوب والجيران والأمم.
وأضاف السيد السفير على أنه كما لرجال الدين دور أساسي في إنجاح تطبيق مبادئ “خطة عمل فاس”، فإن للسياسيين والمنظمات المدنية والأكاديميين والشباب والنساء دورا مهما في محاربة التطرف والكراهية والعنف والعنصرية، آملا في أن “نخرج ندوة فاس بتوصيات قوية لبناء عالم بدون حروب، ومجتمع دولي تتعايش فيه كل الدول.
من جهتها، أبرزت الأمينة العامة المساعدة والمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، السيدة أليس ويريمو نديريتو، دور المغرب في تبني القرار القاضي باعتماد يوم عالمي لمحاربة خطابات الكراهية والمتمثل في 18 يونيو من كل سنة مؤكدة أن خطة عمل فاس تعد وثيقة ” جد هامة”.
وأشاد الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) الذي وجه الشكر والتقدير إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على رعايته السامية وتشجيعه لخطة عمل فاس ومخرجاتها، بأهمية خطة عمل فاس المتميزة بالجدية والفرادة منذ إطلاقها لمجابهة التحريض المفضي إلى جرائم تهدد الإنسانية، مشيرا إلى أهمية ملتقى فاس لتجديد روح البحث والتقصي واستكشاف مسارات تكفل ترسيخ قيم التعايش المشترك باعتباره مبتغى الشرائع ومقصد الدين ومنشود الحضارات