شارك الوفد المغربي برئاسة السيد وزير العدل، وعضوية ممثلي القطاعات الحكومية والسلطة القضائية، في تقديم ومناقشة التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل يوم الثلاثاء 8 نونبر 2022. وتميز هذا الحوار بمشاركة السيد السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى مكتب منظمة الأمم المتحدة بجنيف.
استهل السيد وزير العدل جلسة تقديم التقرير الوطني بكلمة افتتاحية قدم من خلالها أهم المنجزات الوطنية برسم الفترة الممتدة ما بين 2017 و 2022، حيث ذكر بمسار الإصلاحات المهيكلة وتطور الإطار المؤسساتي والتشريعي الوطني والتدابير المتخذة لتنفيذ السياسات والبرامج العمومية المتعلقة بإعمال الحقوق المدنية والسياسية وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحماية الحقوق الفئوية والنهوض بها، وتفاعل المملكة وتعاونها مع مختلف مكونات المنظومة الأممية لحقوق الانسان. وأشار السيد الوزير في كلمته إلى المقاربة المعتمدة من طرف المملكة المغربية للتصدي لجائحة كوفيد 19، وأبرز المجهود المقدر لحماية الحقوق والحريات في سياق الجائحة، فضلا عن البرامج الخاصة للتعافي من تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية.
تميز الحوار التفاعلي الذي أجري يوم الثلاثاء 8 نونبر 2022 بمجلس حقوق الإنسان بتعدد وفود الدول المتدخلة، والتي بلغ عددها 120 بلدا، أولت اهتماما من خلال تدخلاتها وتوصياتها بمسارات الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، وهو الاهتمام الذي عكسه، أيضا، تعدد الأسئلة والملاحظات المطروحة، والتي همت الحقوق المدنية والسياسية، خاصة حرية الرأي والتعبير؛ وحرية التجمع وتأسيس الجمعيات؛ ومناهضة التعذيب؛ وإلغاء عقوبة الإعدام؛ ووضعية السجون؛ واستكمال الانخراط في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، خاصة بعض البروتكولات الاختيارية، والتعاون مع بعض الآليات الأممية، والمصادقة على نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية؛ والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها الحق في الصحة، والحق في التعليم وجودتهما، وتشغيل الشباب، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إضافة إلى الحقوق الفئوية، كحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والمهاجرين، وحقوق الطفل، وحقوق المرأة وما يرتبط بهما من استراتيجيات وبرامج عمل وتدابير، مع التركيز على مواضيع مثل تعدد الزوجات، وزواج القاصرات، والعنف ضد النساء، وبعض قضايا التمييز المتعلقة بالحريات الفردي
تمثل التوصيات المتعلقة بالحقوق الفئوية حوالي الثلث من مجموع التوصيات الموجهة لمملكة المغربية، وتحتل التوصيات المتعلقة بحقوق المرأة مكان الصدارة وتتوزع على كافة المحاور من تشريع وملاءمة وتعليم وصحة وتمكين اقتصادي ومشاركة سياسية. وتحتل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المرتبة الثانية ضمن التوصيات المتعلقة بالحقوق الفئوية إذ تمثل حوالي ربع هذا المحور.
ويحتل محور الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والبيئية المرتبة الثانية ضمن التوصيات، إذ يمثل حوالي 18% من مجموع التوصيات. ويتبوأ موضوع الحق في التعليم، خاصة محاربة الهدر المدرسي مكان الصدارة ضمن توصيات هذا المحور.
وتمثل التوصيات المتعلقة بالتشريع والملاءمة 15% من مجموع التوصيات، وهمت بشكل خاص مراجعة مدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون المسطرة لجنائية.
وكعادتها في المنتديات الدولية، وجهت زمرة قليلة من الدول المناوئة للوحدة الترابية للمملكة المغربية تتزعمها الجزائر، توصيات خارجة عن نطاق عمل آلية الاستعراض الدوري الشامل ومجلس حقوق الإنسان، محاولة توظيف الحوار التفاعلي للزج بآلية الاستعراض في قضايا يضطلع مجلس الأمن حصريا بالنظر فيها، من خلال ادعاءات ومغالطات تكذبها معطيات الواقع التي يرصدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتحظى بزيارة الخبراء الأمميين في إطار آلية الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان.
يوضح كل من الجدول والرسم المبياني التاليين توزيع التوصيات المذكورة حسب المحاور الموضوعاتية:
المحور | عدد التوصيات | |||
تعزيز حكم القانون وفصل السلط | 3 | |||
إصلاح منظومة العدالة | 10 | |||
إعمال خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان | 2 | |||
المصادقة أو الانضمام للصكوك الدولية | 29 | |||
التفاعل مع آلية الإجراءات الخاصة | 4 | |||
التعاون مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان | 2 | |||
التشريع والملاءمة | 44 | |||
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية | 51 | |||
محاربة الفقر والهشاشة | 3 | |||
الحقوق الثقافية | 2 | |||
الحق في الصحة | 8 | |||
الحق في والتعليم | 17 | |||
الحق في الشغل | 5 | |||
الحق في التنمية | 1 | |||
الحق في البيئة والتنمية المستدامة | 15 | |||
الحقوق المدنية والسياسية والنهوض بها | 35 | |||
الحق في الحياة ومناهضة كافة أشكال التعذيب والإفلات من العقاب | 14 | |||
النهوض بوضعية السجناء | 4 | |||
حماية حرية الرأي والتعبير | 14 | |||
بالمشاركة في الحياة العامة والحياة السياسية | 1 | |||
حرية التجمع وتكوين الجمعيات | 1 | |||
بالحق في المعلومة والحق في الخصوصية | 1 | |||
الحقوق الفئوية | 87 | |||
النهوض بحقوق المرأة وحمايتها | 46 | |||
النهوض بحقوق الطفل وحمايتها | 6 | |||
النهوض بحقوق الأشخاص المعاقين | 21 | |||
النهوض بحقوق المهاجرين واللاجئين وحمايتها | 5 | |||
النهوض بحقوق الأشخاص المسنين | 3 | |||
مكافحة الاتجار بالبشر | 6 | |||
النهوض بثقافة حقوق الإنسان من خلال التربية والتكوين | 3 | |||
الإطار المؤسساتي لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها | 9 | |||
توصيات عامة | 9 | |||
توصيات خارجة عن نطاق ولاية مجلس حقوق الإنسان | 18 | |||
المجموع | 306 |
وتجدر الإشارة إلى أن المملكة المغربية تفاعلها مع المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، فبعد تقديمها لثلاثة تقارير وطنية لآلية الاستعراض الدوري الشامل، وذلك برسم الجولة الأولى لهذه الآلية سنة 2008 والجولة الثانية سنة 2012، والجولة الثالثة سنة 2017، وكذا تقديم تقريرين نصف مرحليين يتعلقان بتتبع تنفيذ توصيات الجولتين الثانية والثالثة، خلال سنتي 2014 و2019، أجرى وفد وطني هام، برئاسة السيد وزير العدل، حوارا تفاعليا مع هذه الآلية برسم جولتها الرابعة بمجلس حقوق الإنسان يوم الثلاثاء 8 نونبر 2022.
وقد شكل هذا الحوار التفاعلي مناسبة لتقديم التقدم المحرز من طرف بلادنا في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها خلال الفترة المشمولة بالتقرير الوطني (2017-2022)، وتقديم 120 دولة لأسئلتها وانشغالاتها ذات الصلة، والتي حرص الوفد الوطني على الإجابة عنها. وخلص هذا الحوار إلى توجيه 306 توصية للمملكة المغربية، طبعها تثمين الدول لجهود المملكة في الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان ودعوتها لمواصلة الأوراش الإصلاحية ذات الصلة.
وللتذكير، فإن آلية الاستعراض الدوري الشامل التي تم إنشاؤها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 60/251 بتاريخ 15 مارس 2006، تعتبر أحدث الآليات الثلاث لحقوق الإنسان (الاستعراض الدوري الشامل /هيئات المعاهدات / الإجراءات الخاصة)، وهي آلية تعاونية تخضع لها جميع الدول بشكل متساو، حيث تقوم بفحص أوضاع حقوق الإنسان فيما بينها في إطار حوار تفاعلي وبشكل دوري من خلال تقارير تقدم في هذا الباب. ويفضي هذا الاستعراض إلى توجيه توصيات إلى الدولة المعنية، التي تعمل على تنفيذها. وتعد المملكة المغربية من بين الدول التي ساهمت في إحداث هذه الآلية، كما أنها راكمت تجربة مقدرة في التفاعل معها، سواء من خلال المنهجية والمسار التشاركي المعتمد في إعداد التقرير الوطني أو من خلال الإشراك الواسع للأطراف المعنية أو من خلال تتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عن هذه الآلية.
مرتكـــــــزات ومســـــــار إعـــــــداد التقريـــــــر الوطنـــــــي برسم الجولـــــــة الرابعـــــــة من آليـــــــة الاستعـــــــراض الـــــــدوري الشامـــــــل
اعتبارا لما راكمته بلادنا في مجال التفاعل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل، سواء ببلورتها واعتمادها منهجية ومقاربة وطنية في إعداد التقارير الوطنية، ترتكز على تعميق التشاور وتوسيعه ليشمل مختلف الفاعلين على المستويين المركزي والمحلي، أو من خلال الانفتاح على البرلمان وترسيخ أدواره في هذه الآلية، أطلقت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ابتداء من شهر يوليوز 2021، مسار إعداد التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل، أخذا بعين الاعتبار المحددات التالية، التي مكنت من إعداد تقرير وطني ذي جودة، يستوفي الشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة، ويعكس الحصيلة والمنجزات ويتوقف على التحديات بناء على مؤشرات كمية وكيفية:
– الالتزام بالمبادئ الأممية التوجيهية الخاصة بإعداد التقارير للآليات الأممية لحقوق الإنسان؛
– اعتماد المقاربة التشاركية في الإعداد؛
– تعزيز الانفتاح على الفاعلين مركزيا وجهويا؛
– استحضار البعد الجهوي في تنفيذ توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل خلال مشاورات الإعداد؛
– استحضار السياق الوطني المرتبط بمواصلة تنزيل مقتضيات الدستور واعتماد التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان؛
– تثمين التفاعل الإيجابي للمملكة مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان؛
– إيلاء الأهمية في التقرير للتفاعل بين الحكومة والمؤسسات الوطنية؛
– استحضار السياق الخاص بالجائحة وما طرحته من تحديات في مجال حقوق الإنسان.
ويمكن تلخيص محطات إعداد التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل كالتالي:
– المرحلة الأولى، همت إطلاق مسار إعداد التقرير وتعبئة الفاعلين المؤسساتيتين وتجميع المعلومات الأساسية. وقد تمت هذه المرحلة خلال الفترة ما بين يوليوز 2021 ومارس 2022، وشملت تنظيم يوم دراسي لفائدة مسؤولي القطاعات والمؤسسات المعنية بإعداد التقرير حول آلية الاستعراض الدوري الشامل ومنهجية إعداد التقرير الوطني. كما شملت هذه المرحلة التنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات الأمنية والسلطة القضائية والمؤسسات الوطنية ومجالس الجهات، مما مكن من إعداد المشروع الأولي للتقرير الوطني.
– المرحلة الثانية، همت تنظيم المشاورات مع المجتمع المدني بخصوص إعمال توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل. وقد تمت هذه المرحلة خلال الفترة ما بين مارس ويونيو 2022، حيث تم تقديم المشروع الأولي للتقرير ومناقشة مضمونه بالجهات ال 12 للمملكة المغربية، مع التمثيليات الجهوية للقطاعات الحكومية، والمؤسسات الأمنية، والقضاء، وجمعيات المجتمع المدني، ومجالس الجهات، والجامعة، والإعلام، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتناولت هذه اللقاءات البعد الجهوي لإعمال توصيات الاستعراض الدوري الشامل والتحديات المرتبطة بهذا الإعمال، وأدوار الفاعلين. وقد عرفت هذه اللقاءات الجهوية مشاركة حوالي 634 جمعية مدنية، تنشط في مختلف قضايا حقوق الإنسان، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والفئوية.
– المرحلة الثالثة، تم خلالها عرض ومناقشة مشروع التقرير الوطني بمجلسي البرلمان (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، يومي 19 و25 يوليوز 2022، شكلت مناسبة لتقييم وفاء المملكة المغربية بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان عموما، والتطور الحاصل في التفاعل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل على وجه الخصوص. كما قدموا ملاحظاتهم واقتراحاتهم لتقوية أدوار البرلمان في إعمال توصيات الاستعراض الدوري الشامل.
– المرحلة الرابعة، تم خلالها اعتماد الصيغة النهائية للتقرير الوطني، أخذا بعين الاعتبار نتائج ومخرجات كافة المحطات التشاورية المذكورة سلفا.