احتضنت مدينة طنجة، يومي الجمعة والسبت27 و 28 أكتوبر 2023، ورشة إقليمية حول “حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي”، من تنظيم المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ومنظمة العالم الاسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو).
وتروم الورشة الإقليمية، التي عرفت مشاركة خبراء مغاربة وأجانب وفعاليات مؤسساتية وأكاديمية ومدنية، إعداد الخطة الاستراتيجية حول حقوق الإنسان في العصر الرقمي، نظرا للدور الحيوي الذي تضطلع به التكنولوجيا الرقمية في جمع وتوفير البيانات وجمع معلومات مفصلة وشخصية تدخل في إطار حقوق الناس وحرياتهم الأساسية.
وأبرز منظمو الورشة أن الثورة الرقمية هي قضية عالمية أساسية من قضايا حقوق الإنسان وفوائدها الواضحة لا تلغي مخاطرها الجلية، حيث أن بعض الممارسات الرقمية قد تؤدي الى تفاقم المخاطر الماسة بمبادئ وقواعد حقوق الانسان، مشددين على أن نفس الحقوق التي يتمتع بها الأشخاص في الحياة العادية يتعين أن تشملها الحماية أيضا في الفضاء الرقمي.
وفي هذا السياق، قال مدير الشؤون القانونية والمعايير الدولية بالإيسيسكو، محمد الهادي السهيلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الثورة الرقمية ساهمت في قدرة الانسان على التعبير وتعزيز حرية المبادرة والمشاركة وتثمين الكثير من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتنمية قدرات الأشخاص، إلا أنه في الوقت ذاته تقوض حقوق أخرى بالغة الأهمية، كالحق في الخصوصية والسلامة النفسية والأمن الاجتماعي، ما جعل الاهتمام بالمجال الرقمي أولوية لمواجهة التحديات والحد من المشكلات التي قد تتسبب فيها بشكل أو بآخر.
وأضاف أن الايسيسكو يثمن التجربة المغربية فيما وصلت اليه المنظومة الحقوقية بالمغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تجسدت في جودة مضمون التقرير المقدم لمجلس حقوق الانسان في إطار الاستعراض الدوري الشامل، مشيرا الى أن الايسيسكو يسعى الى تعميم التجربة المغربية على باقي أعضاء المنظمة الإقليمية.
من جهته، أكد مدير التنسيق والنهوض بحقوق الإنسان بالمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، محمد عادي، أن الورشة الإقليمية تتوخى توسيع تجربة المغرب الذي كان سباقا الى تعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي المتعلق بالفضاء الرقمي، سواء بإخراج العديد من القوانين الأساسية أو بفعالية المؤسسات الرسمية الاستراتيجية التي تعنى بالمجال.
وأضاف، في تصريح مماثل، أن النموذج التنموي الجديد أفرد اهتماما خاصا لموضوع الورشة باعتباره أولا رافعة للتنمية وأيضا لتوفير أرضية صلبة لمواجهة التحديات المرتبطة بالرقمنة وحقوق الانسان، مبرزا أن المغرب، الذي قطع أشواطا مهمة لضمان حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، يتقاسم تجربته دوليا واقليميا حتى يتمكن العالم من مواجهة التحديات والأخطار بنجاعة ومعيرة المجال وضبطه وإعداد مبادئ توجيهية له على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية وغيرها.
ورأى منسق اللجنة الوطنية لمناهضة خطاب الكراهية، ياسين إيصبويا، أن موضوع حقوق الانسان في علاقتها بفضاء الرقمنة له راهنيته، باعتباره يعد مؤشرا مهما للحقوق الأساسية التي يجب ان يتمتع بها الأفراد بغض النظر عن جنسيتهم ومعتقداتهم وانتمائهم الجغرافي، معتبرا ان للثورة الرقمية فوائد هامة، لكنها تؤثر على حقوق الإنسان، حيث تنطوي على مخاطر متعددة إذا لم يتم تأطير الفضاء الرقمي بشكل مضبوط وبنظرة استباقية.
ورأى رئيس المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار، يوسف بن الطالب، أن الحديث عن الرقمنة في علاقتها بمجال حقوق الإنسان ليس له بعد أخلاقي وسلوكي فقط بقدر ما له بعد تشريعي إجرائي، من أهدافه الأساسية تأطير الفضاء الرقمي حتى لا يضر بحقوق الناس وحرياتهم الأساسية، وحتى يتم الحد من الانتهاكات التي قد تطال المجال.
ويندرج مشروع إعداد الخطة الاستراتيجية حول حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي في إطار إعمال التوصيات المنبثقة عن أشغال الندوة الدولية حول “حقوق الانسان والتحدي الرقمي” في مارس 2020، وكذا التفاعل مع الفرص التي يتيحها التطور المتسارع للفضاء الرقمي، وما ينتج عنه من سلوكيات قد تشكل تهديدا للحقوق والحريات.
وتم بمناسبة الورشة الإقليمية تنظيم جلسات للتشخيص والتحليل لطرح خلاصات وتوصيات الندوة الدولية حول “حقوق الانسان والتحدي الرقمي”، وتصنيف التوصيات وترتيب الأولويات، وكذا تحليل وتحديد الخيارات والبدائل القابلة للتحقق، وتحديد كذلك المحاور الاستراتيجية.
ويحتوي البرنامج أيضا على جلسة تهم إعداد الاطار المنطقي مع تحديد النتائج المنتظرة والوسائل، ومقاربات ومنهجية التداخل، وتقديم المشروع الاولي للاطار المنطقي واستراتيجية التدخل.
وتهدف الندوة عامة إلى توسيع إطار الشراكة حول موضوع حماية حقوق الإنسان في العالم الافتراضي، وفتح قنوات للحوار وتبادل الخبرات بين المشاركين، والمساهمة في تطوير آليات الدول الأعضاء في مجال حماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، وتثمين التجارب الناجحة في مجال تأطير استعمال الوسائط الرقمية واستباق التحديات المستقبلية الناتجة عن التطور المتسارع للتكنولوجيا.